| جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الراهب ميثرا المدير العام
الدولة : عدد المساهمات : 3467 نقاط : 105948 تاريخ التسجيل : 31/05/2014 الموقع : منتديات الراهب ميثرا المزاج : الحمد لله
| موضوع: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الخميس يوليو 03, 2014 5:44 pm | |
| الفصل الثالث والأخير ۞ ما بينهما ۞ توجد القرية المسماة بالمنشية وباللهجة الأردنية الدارجة المنسية على بعد تسعين كيلومترا من العاصمة عمان باتجاه الجنوب. وقد تغير اسمها من فترة إلى أخرى، فهي مرة دار البهلول، ومرة دار الأبيض، ومرة دار الشقراء، ومرة دار ولد الشقراء أو ولد البهلول. غير أن اسم المنسية أو المنشيةهو الاسم الذي عرفت به أكثر من غيره من الأسماء الأخرى، وحتى عندما تذكر باسم من تلك الأسماء العديدة فإنه لا ينطق عادة إلا مقرونا بلفظ المنسية، فيقال مثلا: دار البهلول المنسية، أو دار الشقراء المنسية، أو دار الأبيض المنسية. المنسية اليوم عبارة عن شارع طوله نصف كيلومتر تقريبا، تحيط به البيوت والحوانيت والمقاهي من الجهتين وتتوسطه بعض الأشجار الصغيرة وبعض العربات التي تدفع باليدين. أول ما يثير الانتباه والإنسان يطل على المنسية هو المقبرة، فهي خمس مرات أكبر من المساحة التي يحتلها الشارع بدوره وأشجاره وحوانيته. إن المرء ليشعر وهو يشاهد هذه المفارقة كأن القرية قد أصيبت في زمن ما بزلزال عنيف مدمر أو مرض عضال أزالها من الوجود دفعة واحدة ثم أعيد بناؤها بهذا الشكل الذي اقتضاه موقعها من حيث أنها تقع مباشرة قبل مفترق طرق عديدة تؤدي إلى كل الجهات. والغريب أن أهل المنسية يبدون وكأنهم يشتغلون جميعا في هذا النوع من التجارة الذي يتلاءم مع طبيعة القرى والمدن التي توجد في مثل هذا الموقع: مقاه متعددة ودكاكين جزارة كثيرة ومحلات لبيع اللحم المشوي والبيض وأكلات أخرى خفيفة، وأطفال حاضرون في كل مكان من الشارع ومستعدون للقيام بأي شيء يكسبون منه بعض المال: حمالون، بائعو سجائر وسندويتشات، وماسحو أحذية، وملمعو سيارات أو حراس لها، ومساعدون في المقاهي والدكاكين، وفي كل شيء آخر، أي حتى وسطاء بين الرجال والنساء. هل أخلص من هذا إلى أن مخطط البهلول قد بلغ ذروته، إلى أكثر مما كان ينتظر منه البهلول نفسه ؟ يبدو أني نسيت حكاية هذا الرجل الذي شغلتني أخباره مدة طويلة. والواقع أن لا شيء في المنسية يذكرك بالبهلول أو بجو الحكاية لا كما روتها جدتي ولا كما رواها جدي. فقد سألت عن قصر البهلول فدلني الناس على أطلال لم أستطع أن أصدق أنها بقايا قصر. وسألت عن قصر الأبيض فأشاروا إلى بقعة صغيرة من الصبار مدعين أنها قصر الأبيض. وسألت عن السد فأرشدوني إلى حفرة عميقة واسعة ما زال بها بعض الماء، ولكنها صارت مأوى للضفادع والأعشاب الطفيلية، ولما سألت عن الغابة أخبروني بأنه لا توجد غابة بالمنسية. تدخل شيخ وصحح: -أزيلت من الوجود منذ خمس سنوات. سألت عن هذا الذي يسمونه ولد البهلول ويسمون القرية باسمه. قال أحدهم: -لعنة الله عليه، كان سكيرا، ثم صار متسولا، ثم قتل أمه وأخته وأخاه وهرب إلى الخارج، لم يعد منذئذ إلى المنسية. سألتهم عمن يملك الهضبة والجبل والسهل، من يملك الأرض. قال طفل: -ولد الحمراء. رجل اسمه ولد الحمراء نسمع به ولا نراه... لا نتعامل معه إلا بواسطة سمسار يتوسط بين السكان وبينه لشراء أرض للسكن مثلا أو للإيجار بقعة ترعى بها ماشية الجزارين. وسألته: -لماذا لا يحرث الأرض ؟ أجاب الطفل: -لا نعرف، إنه لم يحرثها منذ اشتراها. اشتراها غير محروثة وما زالت كما اشتراها من ولد البهلول. وعلى كل حال، فإنه حتى لو أراد أن يحرثها، لن يجد العمال لأن الناس لم يعودوا يحبون أن يشتغلوا بالفلاحة لأسباب كثيرة. علقت: -ربما كان منها ما هو موروث ! تدخل العجوز: -لا ندري، ولكن الأسباب كثيرة، ربما كان منها ما هو موروث. * * * كانت الجماعة التي ترافقني تتكون من ثلاثة أطفال يبدون أصحاب تجربة كبيرة وتعسة، شاب في حوالي الخامسة والعشرين ورجل يبدو فاقدا نصف عقله، وشيخ يتكلم إلا قليلا وبحذر. ونحن عائدون من زيارة الأطلال أعطيتهم عشرين درهما ودعوتهم إلى تناول الشاي في إحدى المقاهي. كانوا في غاية السعادة، لكنهم ما لبثوا أن بدئوا يتخاصمون حول المبلغ الذي يجب أن يعود إلى كل واحد منهم. تدخلت وحسمت الموقف. في المقهى أخبرتهم بأن جدي من المنسية وأنني بالتالي ابن شرعي للمنسية. فرحوا كثيرا لما سمعوا الخبر وطلبوا مني أن أحدثهم عن العائلة التي أنتمي إليها. هل أخبرهم بقصة المتسول ؟ -خرج جدي من القرية منذ زمان طويل، ولا أظنكم تعرفون شيئا عن هذا الزمان، وربما كان من الأحسن أن لا تعرفوا عنه شيئا، فهو قد صار معلقا بين الواقع والأسطورة والكابوس. أمسكوا عن السؤال. ثم دلني الشيخ على النزل الوحيد الموجود في القرية: نزل الراحة. منزل في الأصل، فحول إلى أوتيل لما اشتراه رجل يعمل بالخارج وكلف أخته العانس بتدبيره. كنت متعبا وأحس بخيبة أمل كبيرة. لكن البق والبراغيث والصراصير كانت لي بالمرصاد في الغرفة. بعد مقاومة طويلة لأعصابي استطعت أن أنام. لما استيقظت في الصباح على ضجيج منبهات الحافلات والسيارات وجدت جسمي مزركشا من آثار العض. خرجت إلى المقهى التي سبق لي أن تناولت بها الشاي مع الجماعة. تناولت الفطور. أشعلت سيجارة. جاء طفل من الجماعة. قال: -صباح الخير! جلس. طلب قهوة بالحليب وخبزا محشوا بالزبدة. سألته عن المستشفى. كاد يشرق من الضحك والقهوة. قال: -المستشفى؟ هل تظن نفسك في المدينة ؟ قلت: -وهل تظن أن في المدينة مستشفيات تستحق هذا الاسم ؟ في البلدان المتخلفة، كل شيء متخلف، ولا تختلف المدن عن القرى إلا بالعيادات الخصوصية، أي الخاصة بالأغنياء. بدا وكأنه لم يفهم. قال: -أنا رأيت مستشفى في المدينة! قلت: -من الداخل أم من الخارج ؟ لم يجب قلت: -هل تدلني على المستشفى ؟ قال: -حالا (وهو يضحك) ثم أضاف ونحن في الطريق: -سيعطيك حبات من الاسبرين أو الجبص أو يحقن جسدك بالماء موهما حضرتك بأنه مضاد حيوي، كل شيء يعالجونه بتلك الحبات البيض وبالماء. قلت: -وكيف تستطيع أنت أن تفرق بين الدواء وهذه . . . ؟ قال: -أنا أيضا ذهبت إلى المدرسة مثلك. وكانت تعلمنا فرنسية شقراء تعرف هذه الأشياء. هل تعرف ؟ -ماذا ؟ -لقد خرجت من المتوسط الثاني، القسم الخامس. لكن الذنب ذنبي، كررت جميع الأقسام فطردت. إنما ثق أني كنت بطلا حطم كل الأرقام القياسية، لقد انتقلت إلى كل الأقسام بالأقدمية. لم أضحك. وتابع وهو يضحك: -هل تعرف ؟ أنا كنت أريد أن أدرس بجد، وكنت أريد أن أصير موظفا محترما، لكني كنت أسكن مع والدي في المنسية القديمة. . . -أين ؟ -في المنسية القديمة! -أين توجد ؟ -على بعد خمس كيلومترات من هنا. -قلت لنفسي: إذن مازال هناك أمل في معرفة المنسية. وقلت للطفل: -نزورها في الزوال. اعترض: -لا يمكن -لماذا ؟ -ممنوع -لماذا ؟ -لست أدري. يقولون أن هناك مرضا خطيرا. -ومع ذلك نذهب إليها في الزوال. -كما تشاء. وتابع: -الذين يرونني لأول مرة يحتقرونني، أنا مثقف. . . . وظل يحكي لي عن الدراسة إلى أن سمعته يقول: -انظر، هذا هو المستوصف. رأيت رجلا يلبس وزرة ملطخة بالدم والأصباغ يلعب الورق مع رجلين وتحت الطاولة الصغيرة التي يلعبان فوقها الورق زجاجة خمر رخيص. تمعنت في البناية. غرفة واحدة متوسطة الحجم مبنية من خشب متآكلة لا يشك أحد في أنها من مخلفات المنسية القديمة. وربما نقلت منها إلى هذا المكان للضرورة. فوق باب البناية المشرع راية بيضاء رسم عليها هلال تحته صليب لم يبق منه إلا النصف. غير بعيد من الباب، ولكن بعيدا عن الرجل ذي الوزرة البيضاء وصاحبيه، حمار وأثاث ورجال ثلاثة وامرأتان وخمسة أطفال من البدو يتحدثون بأصوات عالية عن ذئب يغير باستمرار على بيوتهم. غير بعيد من هؤلاء توجد ثلاث دجاجات وديك ربطت بخيوط غليظة إلى البردعة التي فوق ظهر الأتان. قال الطفل: -هذا هو الممرض المسؤول عن المستوصف! وأشار إلى الرجل ذي الوزرة البيضاء. اقتربت من هذا الأخير: -هل . . . . ؟ أجاب من غير أن يرفع بصره: -انتظر دورك. قلت: -لكن. . . . ؟ رفع بصره غاضبا، ثم غير فجأة، لست أدري لماذا، من حدة قسمات وجهه: -نعم ؟ قلت وأنا أحاول تهدئة حدة صوتي: -انظر ! وكشفت على آثار العض في ساقي وصدري. قال: -تحتاج إلى دواء، والدواء لا يوجد عندي. انظر إلى هؤلاء –وأشار إلى البـدو- إنهم جميعـا ينتظرون الـدواء، لم يرسلوا إلينا الدواء منذ أسبوع، ربما كانت السيارة معطلة، ماذا تريد مني إذن، أصنعه بنفسي ؟ أجيء به من جهنم ؟ -صف لي دواء أشتره من الصيدلية. -الصيدلية ؟ وقبل أن يضحك كان صاحباه يضحكان.التفت إلى الطفل. كان يضحك بدوره: -نعم أشتريه من الصيدلية، هل قلت نكتة ؟ قال لصاحبيه: -هل سمعتم ؟ هذا الرجل يتحدث عن الصيدلية. ظلوا يضحكون. لكنهم ما لبثوا أن عادوا إلى لعب الورق وتجاهلوني. كنت أتميز غيضا. أمسك الطفل بذراعي وجرني بعيدا. قال: -لا توجد أية صيدلية بالمنسية، أقرب صيدلية توجد بمدينة الراية، على بعد سبعين كيلومترا. استغربت: -الراية ؟ قلت: مدينة الراية ؟ أجاب: -أجل. مدينة الراية. أنت تستغرب كل شيء. ما بك ؟ -لا شيء. لم أستطع أن أتصور قرية الراية كما جاءت في الحكاية. وبعد عملية الأرض المحروقة، تصير مدينة، مدينة توجد فيها صيدلية. ربما كانت مدينة غير تلك القرية التي تحدثت عنها الحكاية. قال الطفل: -كانت الراية في البداية أصغر من المنسية. لكن المعمرين جعلوا منها مدينة أما المنسية.... ولم يكمل إذ أشار فجأة إلى بيت عتيق من طابقين. وقال: -أنظر هذه المدرسة، هناك تعلمت. كان أطفال كثيرون يلعبون أمام البناية، وكان بالباب معلم في حالة اكتئاب يدخن سيجارة. قال الطفل: -انظر، هذا هو معلم العربية، إنه هنا منذ أن حول هذا البيت إلى مدرسة، منذ أكثر من عشرين عاما. منذ عشرين عاما وهذا الرجل يعمل بالمدرسة صباحا ويشتغل زوالا بمقهى. إنه تحفة، له زوجتان وخمسة عشر ولدا، الغريب أن أي واحد منهم، من أولاده، لم يحصل حتى على الشهادة الابتدائية، ألا يقولون إن الجزار يتعشى بالعظام ؟ استمر مرافقي يتحدث عن المدرسة، وعن ذكريات أيام الدراسة، استمر يحكي عن أولئك الذين أسعفهم الحظ فصاروا معلمين أو دركيين أو شرطيين أو كتاب إدارات بمدن متفرقة، وعن بعض أولئك الذين حصلوا على منح وسافروا يتابعون دراستهم بمدينة الراية، فبدا من خلال حديثه وكأنه يأسف مرة ويرثي مرة و يشتم مرة ويغبط مرة. ورغم أني مللت حديثه عن المدرسة وتشاغلت بآثار العض فإنه استمر يحكي كمسجلة: -هل تدري ؟ كان لي صديق من المنسية القديمة يسكن في حانوت صغيرة مع أربعة من زملائه أولاد المنسية القديمة. كنا نجتمع في الحانوت كل ليلة لنلعب الورق أو الداما أو نحكي عن أشياء كثيرة أو ننتظر أن يصير جاهزا للأكل ما نسرقه من المقاهي أو الحوانيت أو الدور، كان يريد أن يصير دركيا، لكنه تغيب فجأة عن المدرسة هو وأصدقاؤه، وبعد أيام أخذت تتسرب من الحانون رائحة نتنة، فلما فتحناه وجدناهم قد ماتوا لقد نسوا أن يطفئوا جمر الفحم الذي كانوا يستدفئون به أثناء ليالي الشتاء الباردة. لقد بكيت، لأول مرة في حياتي أبكي. أقول لك الصدق: أنا لم أكن أفهم لماذا يصر بعض أولاد المنسية القديمة وهم جميعا فقراء على المجيء إلى المدرسة ليتعلموا. لقد كانوا ثلاثة أنواع نوع مثل صديقي رحمه الله يكتري حانوتا مع بعض أصدقائه ليستقر قريبا من المدرسة. ونوع يعيش مع بعض الأسر الفقيرة مقابل مساعدة بسيطة. ونوع ينتقل بين المنسية الجديدة والمنسية القديمة قاطعا كل يوم عشرة كيلومترات. أغلب أصدقائي كانوا من النوع الأول أو من النوع الثالث. عند النوع الأول كنت أجد مكانا أقضي فيه الليل، وعند النوع الثالث كنت أجد زجاجات الشاي البارد وخبز الشعير. هؤلاء البدو طيبون وطموحون، لكن الواحد منهم رغم محاولاته أن يجتهد ويكد يجد نفسه مضطرا إلى التخلي عن الدراسة أو تكرار الأقسام وإذا استمر متحديا كل ظروفه فإنه يطرد عندما يصل إلى الشهادة الابتدائية أو يقترب منها هؤلاء جميعا لم ينجح منهم في الشهادة إلا أربعة أو خمسة صاروا كلهم رجال درك. لم أكن أستمع إلا بأذن واحدة لما يقوله مرافقي. كنت متوتر الأعصاب، وكان يضاعف من توتري بحديثه عن هؤلاء البدو بشكل يجعله يبدو وكأنه يرافع في محكمة. حاولت أن أوقفه: -اسمع يا حبيبي، ليكن في علمك أني لست رئيس جمعية خيرية، ولست وزيرا للتربية، ولست مدير جريدة في المعارضة. هذه الأشياء لا تهمني لا من قريب ولا من بعيد. هل فهمت ؟ لم يقل شيئا. حاولت أن أخفف من تأثير كلامي الجارح لكرامته: -أرجو أن تفهم أني متعب وأن أعصابي مشتعلة، ثم أنه يجب أن نستريح قليلا لكي نزور المنسية القديمة هذا الزوال. نلتقي هنا في الثانية زوالا. انتظرت أن يقول شيئا. لكنه هز كتفيه وانصرف. أنا لم آت إلى المنسية لأسمع منه ما سمعت ولا لأرى ما رأيت. لقد جئت إلى المنسية بهدف محدد. لقد كان أحد أساتذتي يتحدث لنا عن البهلول بإعجاب كبير معتبرا إياه من أقطاب الوطنية والتحرير. وعندما طلب منا أن نقرأ عنه ونبحث في التاريخ لمعرفة تراثنا ذهبت إلى ما يوجد من كتب تاريخنا أسائلها عن البهلول، لكن علماء التاريخ لم يعطوني جوابا وافيا. أعطوني أجوبة متضاربة لا يمكن الجمع بينها. لذلك التجأت إلى الذاكرة الشعبية التي يقولون عنها إنها تختزن التاريخ الحقيقي. حكت لي جدتي ما حكت. وحكى لي جدي ما حكى. لكن أين الحكاية اليقين ؟ أين توجد الحكاية اليقين ؟ يستحيل أن توجد حكاية يقين! هكذا حسمت الأمر مع نفسي وقررت أن أضع حدا لهذا الفضول الطارئ، فماذا يفيدني أن أقول كلمة في قسم عن هذا البهلول ليقول لي الأستاذ في النهاية: -أحسنت! هذه « الأحسنت » التي يقولها للجميع ؟ حتى ما زعمه جدي من أنه المتسول وأننا من المنسية لم يثر فضولي بالقدر الذي يدفعني إلى الرحيل إلى المنسية من أجل التعرف على أصلي. السبب الحقيق في مجيئي إلى المنسية يرجع إلى أن فتاة التقطت اسمي من ركن التعارف في جريدة ولما بعثت إلي أول رسالة كتبت تقول إنها تحب جمع الطوابع البريدية والأحجار النادرة والرحلات والقصص الغرامية وتبادل الأفكار والصور الشخصية وأنها تسكن بقرية تاريخية تعتز بها هي قرية المنسية. ثم أمضت رسالتها وكتبت تحت الإمضاء عنوانها: رقم خمسة، شارع البهلول، المنسية. هذا كل ما في الأمر. كتبت إليها ردا فأرسلت رسالة أخرى رفقة صورتها وطلبت مني أن أبعث إليها بصورتي. كانت جميلة بشعرها الطويل وبشرتها التي تشبه لون العسل. لما توصلت بجوابي وصورتي كتبت ملاحظة في آخر الصفحة تقول: هل تعرف أنك جميل؟ ولما أجبت كتبت ملاحظة بأسفل الصفحة: وأنت أجمل امرأة في الدنيا، تبادلنا العديد من الرسائل والأفكار والصور. وذات يوم وجدتني أكتب إليها: أنا الآن على يقين من أنني أحبك، هل يمكن أن نلتقي وأين ؟ تعال إلى المنسية رقم خمسة، شارع البهلول. جئت إلى المنسية أبحث عن شارع البهلول فلم أجده. قلت لنفسي عندئذ.: -أبحث عن رقم خمسة وأطرق الباب. وبالفعل وجدت بابا يحمل رقم خمسة. طرقته. أطلت امرأة عجوز في فمها سيجارة، ثم نزلت وفتحت الباب وأدخلتني بعد أن سلمت علي بحرارة وكأنها تعرفني منذ زمان. تبعتها إلى بيت مظلم قليلا، ففوجئت بوجود سبع فتيات يبدو أنهن لسن جميعا من المنسية. قالت العجوز مشيرة إليهن: -هذا كل ما عندنا من بضاعة اليوم، الجمال مقبول كما ترى، لكن المرض غير موجود. ثم همست في أذني: -بنات عائلات، كلهن، مازلن تلميذات. قلت: -أيهن ياسمين ؟ ضحكت الفتيات ولم تضحك المرأة العجوز. قلت: -أبحث عن فتاة اسمها ياسمين. قالت المرأة ساخرة: -إن الواحدة منهن تعطيك اسما وتنساه غدا فتعطيك اسما آخر. قلت: -آسف، ليس من أجل هذا دخلت. ضحكت الفتيات. قصدت الباب. لكن العجوز اعترضت طريقي: -ألا ترينا أولا وجه درهمك ؟ فكرت في الفضيحة. أعطيتها ورقة وخرجت ألعن البهلول وياسمين بينما كانت ضحكات الفتيات تحاصرني فتمنعني من التنفس الطبيعي. مع ذلك منعني إحساس داخلي من أن أعود من حيث أتيت. مازال هناك شيء غامض يشدني إلى المنسية، وقد ظهر هذا الشيء وراء اهتمامي بأطلال المنسية، غير أنه ظهر أكثر، حين سمعت بوجود المنسية القديمة. فربما وجدت هناك شارع البهلول ورقم خمسة، وربما التقيت بياسمين وتعرفت على أهلها. وربما اكتشفت أن يا سمين واحدة من أفراد عائلتي أو من عائلة البهلول.. هذا هو الشيء الذي أستطيع أن أطلق عليه اسما... ولكنه مازال يشدني إلى المنسية رغم بق وبراغيث وصراصير نزل الراحة. وعلى كل حال، فإنه لم يبق لي في المنسية إلا هذا الزوال، والعطلة مازالت أمامي طويلة، وياسمين مازالت تبدو في عيني جميلة، جميلة جدا، تبدو في الصورة ذكية وطيبة ومثقفة وذات شعر طويل كمهرة وعينين تفيضان سحرا وحنانا ورغبة، وبشرة تسيل عسلا. * * * قال لي مرافقي: -تذكر أني حذرتك وأخبرتك أن زيارة المنسية القديمة ممنوعة على الغرباء. تساءلت: -ماذا تعني بالغرباء ؟ وأدرك مقصودي فسكت. تابعت: -إنهم يقصدون بهم الأجانب أولئك الذين يلتقطون صورا لكل شيء في بلادنا وكأنهم يكتشفون جدهم الأكبر المسمى بالإنسان البدائي... أما أنا فمواطن، ولا شيء من مثل هذا يمكن أن يمنع عن مواطن مثلي. انفجر الطفل ضاحكا في سخرية: -أهلا سيدي المواطن، شرفتم يا حضرة المواطن، نعتذر لجناب المواطن، تفضلوا سيدي، نحن نرحب بكم سعادة المواطن وندعوكم إلى زيارة المنسية القديمة آملين أن تجدوا فيها كل ما لذ وطاب وأن تنال من كرمكم ورضاكم وتفهمكم الشيء الكثير. هل تفضلون التنقل بواسطة الطائرة العمودية أو بواسطة السيارة ؟ الرجل ؟ تحبون الرياضة. طبعا. طبعا. لكننا نضع رهن إشارتكم سيارتنا الخاصة وسيارات الدولة وطائرة قائد المنطقة العسكرية. ويسرنا أن نخبركم بأن هذا المراهق هو الشخص المسؤول عن السرية المكلفة بحمايتكم وضمان راحتكم وأمنكم من كلاب المنسية وضفادع المنسية وبق المنسية وبرغوثها وأفواه المنسية وأيدي أطفالها العابثة بالجيوب والزرع والحيوان والإنسان. وإنا لمستعدون أن نضع بين أيديكم كل حراس المنطقة وكل كتابها وكاتباتها. كما يسعدنا أن نخبركم بأنكم مدعوون للغداء عند ولد الحمراء وللعشاء عند الهندي وللسهر عند زينة وللنوم إن بقيت لكم بقية وقت للنوم عندنا بسكنانا الخاصة. دامت لكم الأفراح والمسرات والعناية وكل عام ونحن على راحتكم ساهرون وعلى أمنكم قائمون ولرغباتكم ملبون ولعهدنا أوفياء. آمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ضحكت مع ذلك: -لا شك في أنك تناولت شيئا إضافيا مع طعام الغذاء أو أنك أكلت وجبة جيدة هذا اليوم. قهقه حتى أمسك ببطنه وهو يكاد يسقط: -علبة سمك معلب مع نصف خبزة، سمك جيد وخبزة ممتازة، ولتحيا الصناعة التي تنتج أحذية تحتاج إلى تلميع مستمر، ومرحى للشركات التي مازالت تعمل على تطوير السمك المعلب من حسن إلى أحسن كي يستفيد منها أبناء المنسية. وإنا لله وإنا إليه راجعون. لم أقل شيئا. سرت إلى جانبه صامتا. لكنه ظل يضرب برجله كل ما يصادفه أو يبصق على أي شيء يراه ولا تصل إليه قدمه. تذكرت حكاية المستوصف: -هل تدري أنك كنت على حق ؟ -متى ؟ -عندما تحدثت عن مستشفيات المدينة، رغم كل ما يمكن أن يقال، هناك بالفعل فرق كبير. -أنا لم أغادر هذه القرية وكان ذلك كلاما في كلام. ظل يضرب الأشياء أو يبصق عليها. تناسيته ورحت أفكر في ياسمين. قالت إنها لا تحب بالفعل تلك الهوايات التي تحدثت لي عنها في رسائلها الأولى، وأنها تلميذة مثلي في قسم البكالوريا. وهي تحب الرياضيات والشعر والفلسفة. قالت إن صورتي قد أعجبها كثيرا، فأنا في نظرها أملك بنية رياضية كبروس لي، ولي عينان كعيني كلود فرنسوا وشعري مثل شعر الفيلسوف كانت، وخطي يشبه خط نزار قباني، وأسلوبي في الكتابة كأسلوب المنفلوطي، وأحيانا كأسلوب جبران خليل جبران، وشفتاي كشفتي فريد الأطرش. قالت إنها صارت تحبني نظرا لهذا الشبه الذي يوجد بيني وبين هؤلاء وأنها لا تحب في الدنيا شيئا أكثر من حبها لهؤلاء الذين تذكرتهم جميعا ودفعة واحدة عندما رأت صورتي. وقالت أنها لهذا السبب بقيت بلا نوم يوما وليلة ولم تعد لديها رغبة في الدراسة إذ صارت حائرة في الإجابة عن هذا السؤال: هل وجدت أخيرا فارس أحلامي ؟ ولما لم تستطع الإجابة وحدها عن هذا السؤال الذي ذكرها بسؤال أبي الهول اندفعت بعد منتصف الليل تطرق باب صديقتها وكأنها مجنونة. فلما أخبرت هذه الصديقة الوفية احتارت الصديقة بدورها في الإجابة. غير أنه من حسن حظها أن أم صديقتها كانت تشتغل قارئة للورق. أيقظت الصديقة أمها وطلبت منها أن تستفسر الورق عما يقوله بشأني. لكن ظن ياسمين لم يخب في. فقد قال الورق ما معناه أني سأتخرج من الجامعة بأعلى الدرجات ثم أصير رب أعمال ناجح ومعروف وأن فتاة شعرها كشعر المهرة ستكون وراء هذا النجاح. وحين سمعت ياسمين ما قاله الورق بكت كثيرا، فسألتها الأم والصديقة عما يبكيها، فقالت: -أخشى أن يغيره النجاح والزمان وتلعب برأسه الشهرة. قالت أم الصديقة: -هذا أمر لا يعلمه إلا الله يا بنيتي وليس من حقك أن تشغلي بالك به. إلا أن الخوف من هذا الذي لا يعلمه إلا الله قد تسبب لياسمين في مرض الزمها الفراش، فكتبت إلي تسألني: هل تظن أن النجاح والشهرة والمال من الأشياء التي تلعب بعقول الرجال ؟ أجبت باختصار، ولكن بلا تردد: لا تقدر سوى على تغيير أولاد الحرام وقليلي العهد بالنعمة، وغالبا ما تكون الزوجة هي المسؤولة عن هذا التغير، وبما أنك لست من هذا النوع، فأنا أيضا لن أكون من ذلك النوع. أخبرتني ياسمين في رسالتها التالية أنها قد شفيت تماما وأنها الآن مطمئنة على مستقبلنا. وطلبت مني أن أتحدث إليها بخصوص الطريقة التي أحب أن تكون عليها رفيقة حياتي لكي تتهيأ للأمر منذ الآن، وطلبت مني بالإضافة إلى ذلك أن أصف لها نوع الحياة التي سنحياها معا في المستقبل بعد أن وعدتني بأنها ستتحدث إلي بدورها في نفس الموضوع كي يتم منذ الآن التمهيد لحياة سعيدة خالية من التناقض والنفاق. كتبت إليها:
| |
|
| |
الراهب ميثرا المدير العام
الدولة : عدد المساهمات : 3467 نقاط : 105948 تاريخ التسجيل : 31/05/2014 الموقع : منتديات الراهب ميثرا المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الخميس يوليو 03, 2014 5:45 pm | |
| ستكون لنا سيارات كثيرة وخدم كثيرون، وسيكون لنا بيت بالمدينة وآخر بالشاطئ، وفيلا بإسبانيا أو سويسرا وسنسافر كثيرا ونسهر كثيرا، ولن يكون لدينا وقت لنتخاصم. أما زوجتي فأريد أن تكون بسيطة وطبيعية في كل شيء. أجابت ياسمين: إذا كنت تحب أن تسافر، وتحب أن تسهر بهذا الشكل، فإنك ستسافر وحدك، وستسهر وحدك، وسأبقى في البيت أنتظر أن تعود كما تفعل النساء بنات الأصل، وأما البيوت فلن نكون في حاجة إلى ثلاثة بيوت ولا إلى خدم، فهذا تدبير لا يقبله عقل، يكفيني بيت متواضع أسهر فيه على تربية أولادي والعناية بهم وبزوجي العزيز، وأما عن صفات الزوجة، فأنا أكره التصنع والتكلف وأؤمن أن جمال المرأة في بساطتها وتواضعها لأنه لا يمكن أن أخدع الآخرين دائما بالألوان والأصباغ التي تزول وتفضح صاحبها مهما طال الزمان. كدت أطير فرحا. فهذه هي المرأة النموذجية. وكتبت إليها: يا سمين، أيتها العزيزة. هل أقول أحبك، ملعونة كل الكلمات لأنها لا تستطيع أن تنقل إليك بعض ما يجيش به فؤادي، يجب أن نلتقي يا ياسمين. . . إنك حلم حياتي، وصورتك لا تفارق فكري وقلبي، يجب أن نلتقي كي نرتب أمرنا، ونتفق على الأقل على نوع الدراسة في الجامعة. فمتى وأين وكيف ألقاك ؟ أجابت ياسمين: تعال إلى المنسية، شارع البهلول، رقم خمسة. * * * كنا قد وقفنا على قمة الجبل الصغير حين أشار مرافقي بيده اليمنى بعيدا وقال: -هذه هي المنسية القديمة، هل تراها ؟ على بعد ثلاثة كيلومترات رأيت مجموعة من الأكواخ المتلاصقة إلى حد التداخل: خلتها في البداية بيتا واحدا أو مصنعا من تلك المصانع المهجورة التي توجد أحيانا في مثل هذه المناطق. أحسست في داخلي بنوع من الخيبة. لكني تذكرت صورة ياسمين وكلامها الجميل وتعال إلى المنسية، شارع البهلول، رقم خمسة. قلت لنفسي: ربما خجلت أن تذكر لي مقر سكناها الحقيقي، فالفتيات غالبا ما يخجلن من مثل هذه الأمور، وكانت معنا زميلة تخجل أن تقول أن أباها بائع فحم. إنه يتحتم علي إذن أن أكون شجاعا مخلصا لأستحق حب ياسمين. سألني الطفل الذي بدا متعبا أكثر مما تستوجب سنه: -هل تستمر أو نعود ؟ قلت من غير أن أفكر في المسألة: -نستمر! وتنهد. ثم جلس القرفصاء وأدخل رأسه بين يديه ورجليه وترك جسده يتدحرج كالكرة إلى أن بلغ السفح. وهنا وقف ومسح التراب ثم أشار إلي بأن أفعل مثله. رفضت. نزلت ببطء وحذر. لكني بعد حين اضطررت إلى الجري. ثم اعترضت طريقي شجرة صغيرة، فسقطت، ووجدتني أتدحرج مثله إلى أن توقفت بين رجليه. كان يغالب ابتسامة ساخرة: -لماذا لم تفكر في هذا من قبل، لماذا لم تقبله قبل أن ترغم عليه؟ يجب أن تستفيد مني في مثل هذه الأمور، أنا خبير، وليكن شعارك مثلي: ما أنت مرغم عليه افعله برضاك قبل أن ترغم عليه. إنها حكمة قديمة ورثتها عن جدي. هل لك جد؟ أقصد هل مازال حيا ؟ لم أجب فأخذ ينفض التراب الذي علق بثيابي ويحاول مساعدتي على النهوض. لم أتحرك من مكاني، كنت أشتم في سري البهلول والأبيض والشقراء وياسمين على الخصوص. تابع طريقه: -تحمل، يبدو أنك لن تعود سالما من المنسية. أنا آسف فقط لهذه الثياب الجميلة التي زينها البق والبرغوث وأتم زينتها تراب الجبل وأحجاره. -لماذا لا تقوم، هل أصبت بالشلل، إذا شئت نعود. من الأفضل أن نعود. جمعت جسمي ونهضت، قررت مع نفسي أن أشتمها، أن أصفعها، أن أقول لها: إنك معقدة، زانية، ولا تستحقين أن يحبك رجل صادق مثلي، إن مكانك في المبغى العام وليس في المنسية. ثم قلت: لعنة الله على الأستاذ والبهلول والأبيض والشقراء وياسمين و... اذكروا موتاكم بخير. أخرجني الطفل من هذا الهذيان. -ستعجبك المنسية، لكنك لم تحدثني عن السبب الذي يجعلك تتحمل كل هذا العناء من أجل رؤيتها. ارتبكت: -أبحث عن كنز سيدنا سليمان. -وماذا أيضا ؟ -أريد أن أتعرف على مسقط رأسي، أن أرتبط بأصلي وأحيي معه صلة الرحم. -لا أفهم. -أحسن لك. -جدك مازال حيا ؟ -مات. -أحسن له، مسكين، والله أحسن له، صرنا مشكلة بالنسبة لأنفسنا، عالة عليها، فكيف نستطيع تحمل مسؤولية الجد والجدة والأم والأب وربما الأخوة أيضا ؟ -هذا لا يهمك أيها. . . -يبدو أنك لما خلقت شنق المزاح نفسه. -أيها الولد. -عدنا مرة أخرى إلى هذه ؟ لماذا تصر على أن تناديني يا ولد ؟ إن الفارق السني بيني وبينك لا يتجاوز الأربع سنوات. -النضج لا يقاس بالسنوات. -أراهن على أنك لا تملك رطل نضج مما أملك وأنك لا تعرف ذرة مما أعرف، إذا استثنينا طبعا ما تلقيته بالمدرسة وهو كما تعلم لا يفيد في شيء وينسى بعد مدة قصيرة من تعلمه، بالمناسبة هل الفاعل مرفوع أو منصوب ؟ -اخرس ! -والمفعول به ؟ والمفعول معه ؟ والمفعول فيه ؟ والمفعول بجانبه ؟ والمفعول له والمفعول بقربه، والمفعول بالرغم منه ؟ والمفعول بالنيابة عنه ؟ -قلت لك اخرس. -والجار المجرور، هل تعرف غير الجار والمجرور ؟ أنا أعرف الجار والمجرور والمجرور به والمجرور له. كلنا جار ومجرور ومجرور به. هل تعرف المجرور له ؟ -السمك المعلب خرب عقلك. أرجو أن تصمت. -ومن يتكلم إذا سكتت ؟ إنك لا تريد أن تتكلم معي. وأنا الصمت يثيرني. لقد صرت مثل الجرو الذي قطع لسانه، أكل هذا لأنك سقطت وتدحرجت ؟ صف شعورك وأنت تسقط وتتدحرج وقارنه بشعور صديقك وهو يسقط ويتدحرج بعدك. -أرجو أن تصمت. إن الكلام يثيرني. -وأنا الصمت يثيرني. لكن معك الحق، يجب أن أصمت، فما أنا في نهاية الأمر إلا مرشد، وليس من حق المرشد أن يتكلم مع السياح في السياسة أو يتحدث معهم في أشياء أخرى إن تبد لهم تسوءهم وتكدر صفاء ذهنهم فيمرضون ويستهلكون قسما من الدواء المخصص للشعب، أو يعودون من حيث أتوا، فنحرم الشعب من رصيد هام من العملية الصعبة، بالمناسبة، كيف حال رأسك؟ أقصد آثار العض. ألا تستطيع أن تصمت قليلا ؟ ألا يتعبك الكلام ؟ -بيني وبينك: الكلام رياضة، وأنا حين أصاب بالملل أو تضيق الدنيا في عيني، أتكلم، أتكلم، وأتكلم حتى لا تبقى كلمة واحدة على لساني. أتكلم في أي شيء، لا يهمني الموضوع، ولا يهمني مع من أتكلم إذا لم أجد من أتكلم معه أتكلم مع نفسي، أتكلم مع الشارع، وقد أتكلم مع شجرة أو حافلة أو سروالي أو مع عود الثقاب... -وما شأني أنا بكل هذا الهراء ؟ -صدقت، وما شأنك أنت بكل هذه الثرثرة ؟ فما أنا إلا مرشدك وأنت لا تعطيني ثلاثة دراهم في اليوم لأتكلم، ولكن لأرشدك إلى ما تريد أن ترى وتعرف ولأجيب عن أسئلتك بلا أو نعم، لماذا لا تسألني فأكتفي بلا أو نعم ؟ -عن أي شيء تريد أن أسألك ؟ -عن مشاريعي، عن أحلامي، عن أي شيء يخصني. -هذه أمور لا تهمني. وقد سبق أن قلت لك أني لست رئيس جمعية خيرية أو وزيرا. . -طيب أنا أقول لك من غير أن تسألني. أنا أوفر كل يوم درهما. وسأظل أقوم بهذا إلى أن تجتمع لدي ما يكفي من الدراهم لشراء مقهى. أقسم لك أنك عندما تعود إلى المنسية الجديدة بعد عشرة أعوام ستجدني قد اشتريت هذه المقهى، مقهى مثل تلك المقاهي التي عندكم في المدينة. وأنا لن أتزوج، سأظل أجمع الدراهم إلى أن يصير معي منها الكثير، ما يكفي لشراء مقهى بالمدينة، حينئذ أرحل إلى هناك وأتزوج وأرسل أولادي إلى مدرسة حقيقية وأدفع المال لمعالجتهم في العيادات الخاصة. -لن يمهلك السراج إلى أن تحقق هذا. -السراج، السراج، السراج، تفو. . عندما أصبح غنيا لن أحتاج إلى السراج، هل رأيت غنيا يستعمل السراج ؟ -قلت لك ستموت قبل أن تجمع دراهمك الموهومة. -لماذا أنت قاس معي إلى هذا الحد ؟ لماذا لا تريد أن تكون صديقا لي؟ إنك قد تحتاج إلى مساعداتي ذات يوم، عندما أصير غنيا. -أنا لست قاسيا معك، أريد أن تصمت وتريحني، إني لم أعد مستعدا لسماع خرافاتك. خرافاتي ؟ ألم أقل لك إنك لا تفهم في الحياة شيئا تصور يا سيدي أن كل الأغنياء الكبار كانوا مثلي، انطلقوا من لا شيء: ولد الحمراء والهندي، زينة. . هل تعرفهم ؟ -لا أريد أن أعرف أحدا، وأحمد الله على أن هذا آخر يوم لي بالمنسية. -إنك غريب حقا، لا تشبه من هم في سنك، إنك جاد أكثر من اللازم أو تتصنع كثيرا من الجد، ربما لأنك متعب، ربما لأنك من المدينة وأنا من المنسية. -أرجوك، دعنا نسأل على الأقل عن شارع البهلول. -أيها الطفل، إيه، أنت، نعم، أنت تعال. جاء الطفل ووقف أمامنا صامتا كالتمثال. قال مرافقي: -إسأله، ماذا تنتظر، أن يسألك هو ؟ سأل الطفل: -هل تعرف شارع البهلول ؟ أجاب الطفل: -لا وانصرف. وحين التفتت إلى مرافقي وجدته يضحك. قلت: -ماذا يضحكك ؟ قال: -شارع البهلول ! واستمر يضحك. ثم قال: -هل جننت ؟ هل يمكن أن يوجد شارع في هذه المزبلة ؟ أحمد الله على أني لم أستمر في الدراسة مثلك. كان كلامه وتوتر أعصابي قد منعاني من أن أكون صورة عن المنسية القديمة ونحن نقترب منها. تقع المنسية وسط سهل صغير يقع مباشرة بعد الهضبة الصغيرة التي تعقب الجبل. لكن السهل يبدو مهملا، وكأنه لم يحرث منذ سنوات. وما عدا ثلاث شجيرات بالجبل وأخرى تتوسط الهضبة فإنه لا وجود للخضرة بهذه المنطقة، وتظهر وكأنها محروقة منذ أقل من شهر. كل شيء يبدو بين الحمرة والسواد، باهتا، كأن حريقا التهم النبات ولم يستثن غير الشجيرات الأربع. وما عدا بعض رؤوس الحمير والدجاج والماعز والطفل الذي التقيناه وهو يصطاد عقربا فإن المكان يبدو وكأنه خال من الحياة، كأنه ثكنة عسكرية هجرتها كتيبة ملت انتظار الأعداء. وفي هذا الجو الخانق الذي يصعب داخله التنفس لا بد أن يشعر المرء بانقباض في القلب. كل المنسية القديمة صف من الأكواخ المتداخلة يمتد على مساحة قد لا تتسع لأكثر من عمارتين متوسطتين، أمام الأبواب نساء وأطفال وشيوخ. يظهر أنه لا أحد مازال بالداخل. وسط البركة الصغيرة المتكونة من الماء المستعمل داخل الأكواخ أو خارجها يوجد أطفال وبط لا يكفون عن الحركة والصياح. بعض الشيوخ نائمون تقريبا أمام الأبواب. النساء يشتغلن في أشياء مختلفة مثل غسل الثياب وإعداد الطعام أو عزل حبوب القمح ويتحدثن، ومنهم من يساعدون أمهاتهم أو يحملون صغيرا فوق ظهرهم، ومنهم من اكتفى بالجلوس قرب الشيوخ تاركا للذباب حرية أن يجتمع حول عينيه وأنفه وفمه من غير أن يجد القوة أو الإرادة لطرده. تذكرت الدرس الخاص بذبابة تسي تسي التي تتسبب في مرض النوم. بالإضافة إلى الذباب والخمول فإن أهم ما يثير الانتباه هو بروز بطون الأطفال والنساء بشكل ملفت للنظر. بعد أن بصق مرافقي مرات عديدة أثارت أعصابي أكثر مما أثارني مشهد المنسية. قال: -هذا هو شارع البهلول، هل يمكن أن نعرف عمن تبحث ؟ تجاهلته. وتابع: -نرجو أن يهتم سيدنا بهذه الحشود الهائلة من الجماهير وأن يتشرف برد تحياتها. كان بعض الأطفال قد اجتمعوا حولنا وأخذ عددهم يزداد بسرعة بحيث شكلنا موكبا حقيقيا. قال مرافقي في أذني اليمنى: -سيداتي وسادتي، نحن نقترب من صاحب الحظ السعيد، بعد قليل يصل سيدنا مجنون البهلول إلى .. قاطعته: -اخرس! وسألت الأطفال: -أين يوجد رقم خمسة ؟ أجاب أكبرهم: -الأكواخ بلا أرقام، عمن تسأل ؟ ترددت: -عن ياسمين! صاح طفل من الجماعة: -ياسمين ! اعترضت امرأة (ربما كانت أمه)، -ماذا تريد منها ؟ أجاب الطفل: -يسأل عنها هذا الشاب. صاحت المرأة بصوت أعلى: -ياسمين، يا سمين ! أجابت امرأة من داخل أحد الأكواخ: -من ؟ رددت المرأة الأولى: -شاب يسأل عنك. قال الطفل الثاني: -اقترب من بيتها. اقتربت وسط جمع الأطفال وتوقفت عند أحد الأبواب عندما أشار إلي الطفل. ثم خرجت امرأة تتكئ على عكاز. سألت المرأة: -من ؟ حدست أنها عمياء. قلت: -أسأل عن ياسمين. قالت المرأة العمياء: -أنا ياسمين. من أنت وماذا تريد ؟ كدت أسقط من هول المفاجأة. قلت لنفسي: تماسك، تماسك أيها الأحمق. وقلت للمرأة: -أبحث عن فتاة اسمها ياسمين، هي ابنة خالتي، جاءت إلى المنسية بعد أن أصيب زوجها بداء السل ونصحها الأطباء بان تصحبه إلى المنسية. تساءلت المرأة العمياء: -فتاة ! ؟ لا أعرف فتاة متزوجة ! استدركت: -أقصد مخطوبة. قالت العمياء: -لا أعرف أحدا بهذا الاسم. وأغلقت الباب وراءها بعد أن دخلت. قال أحد الأطفال: -لا يوجد أحد في المنسية بهذا الاسم غير العجوز. قالت المرأة التي نادت من قبل على أمي ياسمين: -لا يوجد بيننا من يحمل هذا الاسم غير المرأة التي رأيت. كان جسمي يتصبب عرقا. تقدم شيخ بعد أن استيقظ فجأة من نومه أو ما يشبه النوم: -هل أنت على يقين من أنها تسكن هنا ؟ قلت وقد عاد إلي بعض الأمل: -متأكد، وهذا عنوانها. تناول الشيخ الورقة، تفحص العنوان قليلا. ثم ردها إلي قائلا: -ماذا يقول العنوان ؟ قرأت: -المنسية شارع البهلول، رقم خمسة. قال الرجل وكأنه يصحح خطأ خطيرا وقعت في ارتكابه: -هذه يا ولدي دار البهلول المنسية، وهناك، على بعد خمسة كيلومترات، توجد دار ولد البهلول المنسية، وعلى بعد عشرين كيلومترا من هذه توجد دار الأبيض المنسية. أما المنسية الحقيقية، القرية التي تحمل هذا الاسم، فهي توجد على بعد ثمانين كيلومترا من هنا. وإذا خفت أن تتيه اسأل عن المنسية الغربية، فربما كانت هناك منسية شرقية وأخرى شمالية وأخرى جنوبية، ربما كانت في كل مكان منسية. الناس تقول هذا. أما أنا فلم يسبق لي أن زرت غير المنسية الغربية. لقد زرتها مرارا، وأنا على يقين أنه يوجد بها شارع اسمه شارع البهلول، وأؤكد لك أن رقم خمسة موجود بها هو كذلك. خذ الحافلة من دار ولد البهلول صباحا وستصل إليها في اليوم التالي زوالا. اتكأت على كتف مرافقي وشكرت الشيخ الذي عاد إلى نومه. كان الأطفال يضحكون. اقترب مني أحدهم وهمس في أذني: -الرجل أحمق، يختلق أشياء كثيرة، مدنا وتواريخ وأناسا. طلبت من مرافقي أن يسندني. سار الأطفال خلفنا إلى أن اقتربنا من الجبل. لكنهم فجأة أخذوا يصيحون: -ياسمين، ياسمين، ياسمين، آه ياسمين ! تركني مرافقي ودخل معهم في معركة بالحجارة. أصابني أحدهم في جبهتي. ارتميت فوق الأرض. صاح مرافقي: -انج بجلدك. ولما لم أفعل أخذ يركلني إلى أن قمت وتابعت طريقي عبر الجبل تحت وابل من الحجارة. على القمة وقفت ونظرت إلى السفح. مازال يخوض معركة ضد الأطفال: نظرت إلى المنسية. تساءلت: أين توجدين أيتها القرية الزانية ؟ هل صرت كابوسا أو خرافة أو أسطورة ؟ ثم تنهدت: -وداعا ياسمين ! أستطيع أن أزعم الآن أني صرت أفهم لماذا اختلفت كتب التاريخ بشأن البهلول، ولماذا اختلفت بشأنه الأستاذ وجدي وجدتي. وأنا مدين بهذا لأحمق المنسية « القديمة ». فربما كان هذا الاختلاف في جوهره اختلافا بشأن المنسية، فلكل أبيضه وأبلهه وشقراؤه، أي لكل منسيته. ولقد صارت لي بدوري منسيتي (كما كانت لأستاذي منسيته ولجدتي منسيتها، ولجدي منسيته): تلك التي توجد بها ياسمين الحلم، تلك التي أعرفها وأجهلها، أحبها وأكرهها. تلك التي أجدها ولا أجدها. لكنني قررت أن أنساها، أن أهجرها كما هجر منسيتهم الآخرون قبلي، لتظل مجرد وشم دام في الذاكرة، مجرد كابوس. أما المنسية التي أوجد بها الآن فهي تمتد أمامي شارعا من الدماء أو العرق أو البرك التي يسكنها الرعب. وها مرافقي مستلق بين كرسي وطاولة بعد أن حكيت له عن المنسية كما سمعت حكايتها من جدتي وجدي وأستاذي، يظل يردد باستمرار سؤالا يبدو أنه يحيره: -ياسمين ؟ لماذا لا يكون اسمها ناديا أو نورا أو. . . ؟ قررت أن أريحه: -سمها من تشاء، فماذا تفيد الأسماء ؟ إلا أنه لم يتخلص من السؤال: -لماذا لا يكون اسمها. . . . ؟ لكنه يسمع صوت محرك سيارة تتوقف فيهب واقفا ويهرب نحو الرجل النحيف الطويل يفتح له الباب قبل أن ينزل السائق ليفتحه لسيده، ثم ينحني الطفل على اليد النحيفة (اليد اليمنى) ويشبعها تقبيلا، ثم يسير وراء الرجل إلى أن يدخل بيتا من باب كبيرة، فيرجع إلى مكانه لينسى السؤال ويستلقي بين الكرسي والطاولة. تأخذني الحيرة بينما يبدو الطفل مرتاحا. سألته: -من يكون ؟ -الهندي! ويسكت كأن الكلمة كافية لتوضيح كل شيء. -من يكون الهندي ؟ -ألا تعرفه ؟ وماذا تعرف إذن ؟ -أظن أننا قررنا ألا نعود إلى هذا الأسلوب. -عفوك سيدي المواطن الكريم، ولد الحمراء يحتكر الأرض، أقصد يملك كل الأرض تقريبـا، وأما الهندي فهـو الـذي يوزع على باعـة المنسية المواد الغذائية ومواد البناء والدقيق والبنزين والفحم واللحم. هل تعرف زينة ؟ -من تكون، امرأة ؟ -طبعا امرأة، وهل تعتقد أنها جنية ؟ إنها المرأة التي توزع اللذة والمرح، ولها من القوة والنفوذ والثروة مثلما لولد الحمراء والهندي. -إذن، هذا هو الثلاثي المقدس: البهلول والأبيض والشقراء، مازالوا على قيد الحياة. أقول أني أخطأت الطريق إلى المنسية، هذه هي المنسية حقا، فلماذا يحاولون تضليلي ؟ -ماذا تعني ؟ -زينة شقراء، أليس كذلك ؟ -كيف عرفت ؟ -إذن هذه هي منسيتك أنت، أنت أيضا لك منسيتك. لكنك محظوظ لأنك تعرف ثلاثيها المقدس. وهذه منسية جدتي وجدي ! -أرجو ألا تعود مرة أخرى إلى هذه الحكاية. إنها لا توجد إلا في خيالك. وعلى كل حال، فأنا لست مستعدا لمرافقتك إلى المنسية الغربية. أدركت سخريته. لكني تجاهلتها. وسألته: -ولماذا أعطيتموني كل تلك المعلومات الخاطئة ؟ -أية معلومات ؟ -عندما سألتكم عن القصر والسد والغابة. -تعرف أن السياح يجب أن يجدوا كل ما يبحثون عنه. رغبة السائح مقدسة. ونحن مضطرون إلى إرضائها ولو عن طريق الكذب. -هكذا إذن ؟ -سر المهنة، ماذا تريد ؟ أن نموت جوعا ؟ ضحكت من نفسي وعليها طبعا. قال: -يجب أن تكون رياضيا، من ذلك النوع الذي يتوافر على روح رياضية عالية. وقلت لنفسي: -معه الحق! وطلبت قهوتين إضافيتين. كنا ننتظر الحافة. بعد أن مكثنا قليلا، نظر إلى رجليه المحتقنتين ثم قال: -إذا كنت محظوظا فإن الحافة ستأتي، ولكني لا أستطيع أن أضمن لك هذا مع ذلك، فالحافلات قد تأتي ملأى من المدن فلا تعرج على المنسية أو تتوقف بها إلا ليستريح الركاب ويتناولون أكلات خفيفة. أحيانا قد تنتظر طول اليوم فتضطر إلى قضاء ليلة أخرى بالمنسية، بنزل الراحة. -هل تمزح ؟ -كلا، والله، هناك طريق مختصر يفضله السائقون عندما تكون حافلاتهم ملأى. لا تتوافر هنا باستمرار إلا فرص التنقل بين المنسية والقرى الأخرى، أما بين المنسية وبقية المدن فإن الفرص نادرة. -كما هي المواصلات داخل المدن طبعا، لكن اطمئن، سأرجع إلى البيت ولو في شاحنة، أما حكاية المنسية الغربية فإنها لا تغريني، ويجب أن تكف عن محاولة ابتزاز دراهمي. -أردت أن أقول: إذا شئت، بإمكانك أن تنام عندي. -أين ؟ -في الحانوت مع الأصدقاء. -أشكرك. -كما تشـاء، أنا قلت فقط إنك مريض ومتعـب، وربما كـان من الأدب أن... -أشكرك، لا داعي لأن تحرج نفسك. -كما تشاء وظهر كمن مس في كرامته فسكت. لكنه نظر إلى رجليه وعاد يقول: -لم تعطني عنوانك. فوجئت: -عنواني ؟ -إيه، عنوانك بالمدينة، قد أكتب إليك. . . -وبإمكانك أن تأتي عندنا إلى البيت إن أردت -صحيح ؟ -والله -أخشى أن تكون مازحا، فهذه الآلام، وهذه التجربة قد تغير جبلا. -لا. اطمئن. هل تستطيع أن تأتي بقلم وورقة ؟ -طبعا. ونهض مسرعا يبحث عن القلم والورقة. لكنه عاد وهو يلهث من شدة الجري: شا. . . شا. . . . شاحنة وفي غمرة الوداع نسيت أن أعطيه عنواني.... وتألمت حين أبصرته عبر المرآة يلوح بيده اليمنى وهو يمسك بها الورقة والقلم.
النهاية أيمن النعيمي | |
|
| |
الراهب ميثرا المدير العام
الدولة : عدد المساهمات : 3467 نقاط : 105948 تاريخ التسجيل : 31/05/2014 الموقع : منتديات الراهب ميثرا المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الجمعة يوليو 04, 2014 4:05 am | |
| سأبدا بكتابة بعض قصصي القصيرة فرواياتي طويلة ومملة نوعا ما | |
|
| |
mohra عضو فضي
الدولة : عدد المساهمات : 820 نقاط : 101082 تاريخ التسجيل : 31/05/2014
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الجمعة يوليو 04, 2014 5:00 am | |
| طيب استني اخلص قرائتها وبعدين اقولك راي المتواضع مع الاسف انا منتظرة الجزء الاخير من فترة ولان حظي وحش اوي يوم ما تنزلها اكون مريضة جدا (عندي نزلة شعبية حادة) لكن دا مش يمنع اني اكملها للنهاية وميرسي كتير لك
| |
|
| |
marwa عضو فضي
الدولة : وسام شكر وتقدير عدد المساهمات : 628 نقاط : 100835 تاريخ التسجيل : 31/05/2014
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الجمعة يوليو 04, 2014 4:03 pm | |
| أعجبتني القصة وطريقة سردها بكل المعاني التي تختزنها وشكرا لمشاركتنا ابداعاتك القيمة. في انتظار ما يجود به قلمك دمت متألقا دائما وأبدا. | |
|
| |
mohra عضو فضي
الدولة : عدد المساهمات : 820 نقاط : 101082 تاريخ التسجيل : 31/05/2014
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الخميس يوليو 10, 2014 6:26 pm | |
| رواية رائعة لكن معقدة لقد اتبعت في كتابتها اسلوب فلسفي غير مباشر (اسلوب صعب جدا) حتي تجعل كل من يقراها لا يقراها فقط بل ويفكر فيها اثناء قراتها ويعيد ما قرأه اكثر من مرة حتي تصل الفكرة الي عقله بعمق (دا اللي انا حسيته ودا اللي عملته انا كمان) اعتقد انك لم تتعمد هذا الاسلوب ولكن احداث الرواية هي من فرضت عليك كتابتها بهذه الطريقة حقا لقد استمتعت بقراتها لاني احب الروايات التي تعتمد علي اسلوب الفلاش باك وروايتك واحدة منهم كما اني احببت فكرة الرواية التي تدور عن المكان اكثر من الانسان ربما لاننا دائما مرتبطين في حياتنا بالاماكن ايا كانت لقد كان البطل الرئيسي في رواياتك هو المكان بلا منازع ومنه نسجت كل خيوط الاحداث اما البشر في روايتك فهم محوريين لكن كلا علي حسب اهميته المنسية لم تكن ابدااا منسية هي بالفعل بداخل كلا منا ولكن كلا منا يراها من منظوره الشخصي وكما اقتنع بها ورسخت في عقله لقد رايت في احداث المنسية عالمنا العربي وما مر عليه من استعمار ثم استحمار لعقولنا لقد رايت فيها من استعبدنا ونهبنا وغرر بنا وشتتنا وقتلنا رايت فيها تخاذلنا وتخبطنا واتكالنا وثقتنا العمياء في اعداءنا رايت فيها من خان ومن غدر ومن استباح دماءنا رايت فيها تفريطنا لحقوقنا بايدينا رايت فيها حكامنا الخونة الذين اذلونا رايت فيها حروبنا وشهداءنا واسرانا واراملنا وايتامنا وعجائزنا وشبابنا الذي كفر بالماضي وفقد الامل في المستقبل (اثناء رحلة بحث الحفيد عن المنسية اليقين وعن الحبيبة ياسمين) كل هذا رايته فيها وربما اكثر الرواية ككل رائعة (ولها حق تتسرق منك هههههههههه) لكن اكثر ما اعجبني في الرواية هو الجزء الاخير لقد كان حوار عبقريا بين بطل تائه وطفل مشرد لديه خبرة ويعرف ما يريد (حسيت اني بتابع بينهم ماتش تنس) اما بالنسبة للنهاية فلقد اعتبرتها نهاية مفتوحة احب النهايات المفتوحة فهي تجعلني اتخيل ما اريد ولا اقف عند حدود ما انتهيت ميرسي كتيرررر ايمن انتظر منك القادم وكلي ثقة انه افضل مما سبق فلا تتاخر
عدل سابقا من قبل mohra في الجمعة يوليو 11, 2014 5:23 am عدل 2 مرات | |
|
| |
الراهب ميثرا المدير العام
الدولة : عدد المساهمات : 3467 نقاط : 105948 تاريخ التسجيل : 31/05/2014 الموقع : منتديات الراهب ميثرا المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الخميس يوليو 10, 2014 6:43 pm | |
| رح تشجعيني انزل مجموعتي القصصية (ديدان قز) عالانترنت.. مبدئيا انا متشجع انزل منها: - ترميم السماء. - العبور من نقطة الجمارك. - إحياء الموتى. - التقاط الجلبان. - صناعة السيوف. - برد مقبرة. - ذكريات مقصلة. والباقي ما رح اكتبو عالانترنت.. شو رأيك؟ | |
|
| |
mohra عضو فضي
الدولة : عدد المساهمات : 820 نقاط : 101082 تاريخ التسجيل : 31/05/2014
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الخميس يوليو 10, 2014 6:52 pm | |
| - الراهب ميثرا كتب:
رح تشجعيني انزل مجموعتي القصصية (ديدان قز) عالانترنت.. مبدئيا انا متشجع انزل منها: - ترميم السماء. - العبور من نقطة الجمارك. - إحياء الموتى. - التقاط الجلبان. - صناعة السيوف. - برد مقبرة. - ذكريات مقصلة. والباقي ما رح اكتبو عالانترنت.. شو رأيك؟ وهي دي فيها راي!!! اكيد طبعاااا عايزة اكتر لكن اللي مش راح تكتبوا علي الانترنت يا تري دا اقراه ازاي يعني بالتخاطر مثلا | |
|
| |
فداء عضو فضي
الدولة : وسام شكر وتقدي عدد المساهمات : 485 نقاط : 690 تاريخ التسجيل : 04/08/2014 المزاج : الحمد لله على كل حال
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الأحد أغسطس 10, 2014 3:57 am | |
| أنا صراحة لا أقرأ روايات باللغة العربية ، غالبا ما أقرأ للفلاسفة الرومان مثل seneque و Epicure لكني أحببت الرواية لسلاستها و قوة معانيها إذا صح التعبير الرواية تجسيد لواقع نعيشه و مهرة قالت كل شيء ، أحببت الجانب الكوميدي الحزين يعني بعض العبارات تخليني أبتسم لكن بحزن لا أعرف إذا وصلت ما أقصده، تنهدت مرات عديدة و أنا أقرأ ...
| |
|
| |
الراهب ميثرا المدير العام
الدولة : عدد المساهمات : 3467 نقاط : 105948 تاريخ التسجيل : 31/05/2014 الموقع : منتديات الراهب ميثرا المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الأربعاء أغسطس 13, 2014 6:26 pm | |
| وبقطع أيدي يا فداء (ذراع+كوع+خمس أصابع) إذا قرأتيها كاملة.. علي أنا هالحكي هاد؟ | |
|
| |
فداء عضو فضي
الدولة : وسام شكر وتقدي عدد المساهمات : 485 نقاط : 690 تاريخ التسجيل : 04/08/2014 المزاج : الحمد لله على كل حال
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الأربعاء أغسطس 13, 2014 8:51 pm | |
| أنا قرأت جزء ليس بالقليل ، حبيت أطبعها لأن صراحة أحب قراءة الرواية على ورق و لا يكون ذهني مشتت خصوصا مثل فسادستان بها معاني و يجب فهم ما وراء السطور ، أيام الدراسة كانت الأستاذة تقرأ و تشرح لنا كنت أحب هاذا الشيء كثير أحس أنها أحسن طريقة ...أعدك أني أقراها كاملة :)
على فكرة ،عندي تعليق على توقيعك : يبدأ الرجل دائما بإفساد أحمر الشفاه ، ثم ينتهي بإفساد الكحل هي مسألة وقت فقط...لذلك قررت ألا أضع لا أحمر شفاه ولا كحل هههه | |
|
| |
فداء عضو فضي
الدولة : وسام شكر وتقدي عدد المساهمات : 485 نقاط : 690 تاريخ التسجيل : 04/08/2014 المزاج : الحمد لله على كل حال
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الإثنين أغسطس 18, 2014 2:26 pm | |
| "لكل أبيضه وأبلهه وشقراؤه، أي لكل منسيته..."
أشكرك كثيرا ، عشت مع أحداث الرواية و شخصياتها ، و كان من الجيد أن أقرأ أجزاء ثم أقرأها كاملة . كانت تقول لي أستاذة الفلسفة الفرنسية :" إذا قرأت آخر جزء في القصة و فهمت المعنى العام و أحببته فا قرئيها كلها " لن أعلق أكثر على الرواية ، لم تأخذ جوائز بالصدفة...و لقد رددت على موضوع " سرقات أدبية " يمكن تقرأ رأيي إن أحببت ، لكني سأضيف شيأ : كما أسلفت لا أقرأ روايات عربية و لا حتى غربية حديثة ، أحسها ثقيلة ، تلف و تدور على معاني سطحية و لا أخرج منها بشيء ( أكيد أشخاص آخرون يخالفونني الرأي ). صراحة لم أحس أني أقرأ رواية عربية حتى ولو كتبتها بالعربية ، و على فكرة لي دراية بالنحو و الإعراب و الصرف و البلاغة و التعبير و الوصف و الصيغ البلاغية ووو...احترمت كل هذه المعاييير كلها! صحيح استخدمت اللغة العربية لكن الفكر و البعد الفلسفي ذكرني بالفلاسفة الكبار . أدعوك لقراءة " De Brevitate vitæ " ستفهم عماذا أتحدث.
أتمنى أن نرى هذه الرواية و روايات أخرى باسمك في المكتبات وأن تترجم للغات أخرى | |
|
| |
Rosa عضو فضي
الدولة : عدد المساهمات : 541 نقاط : 777 تاريخ التسجيل : 28/03/2015 المزاج : متفائلة
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الأحد يوليو 26, 2015 1:55 am | |
| - الراهب ميثرا كتب:
رح تشجعيني انزل مجموعتي القصصية (ديدان قز) عالانترنت.. مبدئيا انا متشجع انزل منها: - ترميم السماء. - العبور من نقطة الجمارك. - إحياء الموتى. - التقاط الجلبان. - صناعة السيوف. - برد مقبرة. - ذكريات مقصلة. والباقي ما رح اكتبو عالانترنت.. شو رأيك؟ من طبعي إني مابقرأ انتا عارف اني كسولة بس قرأت الرواية كلها و عجبتني كثير مع نو صعب نفهم معانيها لأنو كل جملة فيها معنى وراء السطور يا ريت أيمن تنزل لينا قصة إحياء الموتى و ذكريات مقصلة عناوينهم أثارو فضولي | |
|
| |
حماد عضو جديد
الدولة : عدد المساهمات : 93 نقاط : 131 تاريخ التسجيل : 25/05/2015 العمر : 36 المزاج : فله
| موضوع: رد: جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ الأحد يوليو 26, 2015 11:49 am | |
| دائمأأأ متأأألق
ماشاءالله عليك تبارك الله
ربي يسعدك
ياليت لو تكتب قصة
- العبور من نقطة الجمارك.
شكلها ممتعة اثارة واكشن | |
|
| |
| جمهورية فسادستان /الجزء الأخير/ | |
|